-->
حورس-Hours حورس-Hours
random

آخر المواضيع

random
recent
جاري التحميل ...
recent

قصة الأخوين

الصورة  تخيلية وليس لها علاقة بالنص

 القصة قطعة من الشعر القصصي العام ترجع إلى عهد الأسرة التاسعة عشر
                         (ترجمة نص القصة)
يحكى أنه كان هناك أخوان من نفس الأم ومن نفس الأب . كان الأكبر يدعى (أنوبيس) ، أما الأصغر فكان يسمى (باتا) .
وكان لـ(أنوبيس) بيت و امرأة ، وكان أخوه يعيش لديه مثل ابنه . وكان هو (الأخ الأصغر) الذي يحيك له الثياب ويرعى له الماشية في المراعي ، وكان هو أيضاً الذي يحرث ويحصد له ، أي أنه كان هو الذي يقوم بكل أعمال الحقل من أجله .
كان أخوه الأصغر شاباً قوياً وكان يعود –  مثلما تفعل ماشيته كل يوم –  إلى الدار في المساء ، حاملاً كل صنوف العشب من الحقل، واللبن ، والخشب ، وأشياء كثيرة جميلة من الحقل . وكان يضعها أمام أخيه الأكبر ، الذي يكون جالساً مع زوجته . ثم يشرب ويأكل ويخرج لينام في حظيرته وسط ماشيته .
فإذا ما أشرقت الشمس وبدأ يوم جديد (جهز) طعاماً ووضعه أمام أخيه الأكبر . فيعطيه هذا طعاماً يأخذه معه إلى الحقل . ويأخذ هو– (باتا) –  أبقاره لترعى في الحقل . وبينما كان هو يمضي خلفها كانت تقول له : " العشب طيب في هذا وذاك المكان " . كان يسمع كل ما تقوله ، فيسوقها إلى مكان العشب الطيب ، التي كانت ترغبه .
وهكذا كبرت الأبقار التي يرعاها على نحو عظيم ، وكانت تدر لبناً كثيراً للغاية .
وذات مرة ، أثناء وقت الحرث ، قال له أخوه الأكبر :
" جهز لنا بعض الأبقار للحرث ، فقد انحسر الماء (ماء الفيضان) وصارت الأرض صالحة للحرث . ثم تعال إلى الحقل بالبذور ، لأننا سوف نجتهد صباح الغد في الحرث " . هكذا قال له .
ففعل أخوه الأصغر كل ما قال له أخوه الأكبر : " افعله " .
وفي صباح اليوم التالي مضيا بالبذور إلى الحقل ، وأخذا يجدان في الحرث . وكانا سعيدين للغاية بعملهما ، أي بحرث الربيع .
وبعد أيام عديدة ، وبينما كانا في الحقل ، احتاجا لشيء من البذور، فأرسل (أنوبيس) أخاه الأصغر ، وقال له : " امض وائت لنا ببذور من القرية " .
فوجد الأخ الأصغر زوجة أخيه الأصغر جالسة تمشط شعرها . فقال لها : " انهضي لتعطيني بذوراً ، لأعود بسرعة إلى الحقل ، فأخي الأكبر في انتظاري ، فلا تتأخري " .
فأجابته : " اذهب ، وافتح مخزن الغلال ، وخذ ما تشاء ، ولا تجعلني لا أتم تمشيط شعري " .
فمضى الفتى إلى حظيرته ، وأحضر وعاءً كبيراً حتى يضع فيه البذور الكثيرة . ثم حمل الشعير و القمح و خرج . فقالت له : " ما وزن هذا ، الذي تحمله على كتفك ؟ " . فقال لها : " ثلاثة قناطير قمح وقنطارين شعير ، أي خمسة ، أحملها على كتفي " . هكذا قال لها .
هنا بدأت حديثاً معه ، فقالت له : " إنك تملك قوة عظيمة ، بل إني أرى قوة رجولتك كل يوم " .
وشاءت أن تتعرف عليه كرجل . فنهضت ، وأمسكت به ، وقالت له : " تعال ، لنقض ساعة سعيدة معاً ، وننام سوياً . وسوف أكافئك على ذلك ، وأحيك لك ملابس جميلة " .
فصار الفتى كفهد صعيدي غاضب ، بسبب هذا الطلب الوضيع الذي طلبته منه . فاستبد الخوف بها . ثم قال هو لها : " انظري ، إنك لي مثل أمي ، و رجلك مثل أبي ، هو –  الذي أكبر مني –  قد رباني . فما هذه الخسة الدنيئة التي تفوهت بها ؟ . فلا تقوليها لي ثانية ، وأنا لن أذكر ذلك لأحد . لن يفوه بها لساني لأي إنسان " .
   و رفع حمله ومضى إلى الحقل . و وصل إلى أخيه ، فجد الاثنان في عملهما .
وفي المساء عاد أخوه الأكبر إلى الدار ، بينما كان أخوه الأصغر يرعى ماشيته ، ويحمل كل صنوف الأشياء من الحقل ، و يسوق قطيعه أمامه ، لينام في حظيرته في القرية .
أما زوجة أخيه الأكبر فكانت خائفة مما اقترفته . ولذا أتت بشيء من الدهن و عصابة ، وتظاهرت بأنها ضُربت ، لتقول لزوجها : " كان هو أخوك الأصغر ، الذي ضربني " .
فلما عاد زوجها كعادته إلى الدار ، وجد امرأته بالدار راقدة متظاهرة بالإعياء . فلم تصب ماءً على يديه ، كما اعتاد منها . ولم تشعل له نوراً ، فكانت داره غارقة في الظلام . وكانت هي راقدة تتقيأ .
فقال لها : " ماذا دهاك ؟ " .
فأجابت : " ما أصابني كان بسبب أخيك الأصغر ، الذي راودني عن نفسي ، عندما جاء ليأخذ بذوراً من أجلك ، فوجدني وحيدة ، فقال لي : " تعالي ، لنقضي ساعة سعيدة سوياً و ننام معاً ، حلي شعرك " . هكذا قال لي . فقلت له : " ألست بمثابة الأم لك ، وأخوك الأكبر بمثابة أبيك ؟ " . هكذا قلت له . فخاف وضربني حتى لا أبلغك بذلك . فإن تركته على قيد الحياة سوف أموت . انظر ! إذا أتى فلا تسمع له أبداً ، لأني إذ رميته بهذه الجريمة فسوف يبدلها إليّ افتراءً عليّ " .
و هنا صار أخوه الأكبر كفهد صعيدي . فسن رمحه وأمسك به . وكان أن وقف الأخ الأكبر خلف باب حظيرته ، ليقتل أخاه الأصغر إذا ما عاد مساءً إلى الدار ، وساق الماشية إلى الحظيرة .
عندما غربت الشمس ، حمل الأخ الأصغر –  كعادته كل يوم –  كل صنوف العشب من الحقل .  و عاد للدار ، فدخلت أولى أبقار القطيع الحظيرة وقالت لراعيها : " احذر ، فأخوك الأكبر واقف أمامك برمحه ليقتلك ، فاهرب " .
فسمع ما قالته البقرة الأولى . ثم دخلت الثانية وقالت له نفس الشيء . فنظر أسفل باب الحظيرة ، و رأى قدميّ أخيه الأكبر واقفاً خلف الباب ممسكاً برمحه .
فرمى حمله على الأرض و لاذ بالفرار . فجرى أخوه الأكبر خلفه ممسكاً برمحه .
وهنا تضرع الأخ الأصغر إلى "رع حورآختي" ، فقال :
" سيدي الفاضل . إنك أنت الذي يفصل الحق عن الباطل " .
فسمع "رع" كل دعائه ، فجعل ماءً عظيمة بينه و بين أخيه الأكبر، وملأها بالتماسيح . فصار أحدهما واقفاً على ضفة ، بينما وقف آخر على الأخرى . فضرب الأخ الأكبر كفاً بكف ، لأنه لم يستطع قتله .
أما أخوه الأصغر فناداه من الناحية الثانية ، وقال :
" لتبق حيث أنت ، حتى ينبلج الصباح ، فإذا ما أشرق رب الشمس، سأختصمك لديه . ولسوف يسلم هو الظالم للبريء . حقاً ، لن أعيش معك ثانية في مكان واحد أبداً . لن أكون معك أبداً في نفس المكان ، لأني ماضٍ إلى وادي الأرز " .
وعندما انبلج الصباح ، وبدأ اليوم التالي ، أشرق "رع" ، فرأى كلٌ منهما الأخر . فاتجه الفتى إلى أخيه الأكبر بتلك الكلمات : "لماذا تسعى خلفي ؟ لتقتلني بالباطل ؟ و دون أن أدافع عن نفسي؟ . ألست أخوك الأصغر ، وأنت لي مثل أبي ، وامرأتك مثل أمي ! أليس ذلك كذلك ؟ عندما أرسلتني لإحضار البذور قالت زوجتك لي : " تعال ! ودعنا نقضي ساعة سعيدة سوياً وننام معاً" . انظر ! فالآن جعلت الأمر أمامك على نقيضه " .
و قص عليه كل شيء حدث بينه وبين زوجته .
ثم أقسم بـ"رع حور آختي" : " أحقاً جئت برمحك لتقتلني بالباطل من أجل امرأة وضيعة ؟ " .
و أخذ منجلاً وقطع به ذكره . وألقى به في الماء فابتلعته سمكة . فصار سقيماً تعساً .
فأشفق عليه أخوه للغاية ، وأخذ ينتحب مولولاً . ولكنه لم يستطع العبور إليه خوفاً من التماسيح .
فصاح به أخوه الأصغر : " إن كنت تستطيع تذكر شيئاً سيئاً فعلته بك ، فلن تستطيع تذكر شيئاً طيباً ، أو أي شيء فعلته من أجلك . فعد لدارك واهتم بنفسم وبماشيتك ، لأني لن أبقى في نفس المكان الذي أنت به . فإني ماضٍ إلى وادي الأرز . أما الذي تستطيع فعله من أجلي هو : أن تأتي إلي وتهتم بي عندما تعلم أن مكروهاً أصابني . فلسوف آخذ قلبي وأعلقه على برعم شجرة أرز . فإذا قُطعت الشجرة و هوى (قلبي) على الأرض ، فتعال للبحث عنه ، حتى لو قضيت سبع سنوات في البحث عنه ، فلا تيأس . فإذا ما عثرت عليه ، و وضعته في إناء ماء طازج ، فإني سوف أسترد حياتي ، لأنتقم ممن ألحق الأذى بي . وسوف تعلم أن مكروهاً مسني إذا قُدم لك قدح من الجعة ففاض . فلا تتوانى ، و هذا ما سوف يحدث لك يقيناً " .
ثم مضى إلى وادي الأرز ، بينما عاد أخوه الأكبر لداره ، وقد لُطخ بالتراب واضعاً يديه فوق رأسه . فدخل الدار و قتل زوجته ، وألقى بها إلى الكلاب . ثم جلس حزيناً على أخيه بعد أيام عديدة كان أخوه الأصغر يعيش في وادي الأرز . ولم يكن أحد معه . فكان يصطاد الحيوانات البرية في الصحاري نهاراً ، ثم يعود مساءً ليرقد تحت شجرة الأرز ، التي علق قلبه على أحد براعمها .
وبعد أيام عديدة بنى في وادي الأرز لنفسه قصراً ، به كل الأشياء الطيبة آملاً في الزواج
و ذات يوم خرج من قصره وقابل التاسوع ، الذي كان يجوب البلاد من أجل رعايتها .
وكان أن تحادث أرباب التاسوع ، ثم قالوا له :
" يا (باتا) ، ثور التاسوع ، إنك هنا وحيد تماماً ، بعد أن هجرت بلدك بسبب زوجة (أنوبيس) ، أخيك الأكبر . انظر ! لقد قتل زوجته ، وهكذا رددت عليه كل ما لحق بك " .
وأشفقت قلوبهم (التاسوع) عليه إشفاقاً عظيماً ، فقال لـ"خنوم" : "فلتصنع امرأة لـ(باتا) ، حتى لا يسكن وحده " .
فأبدع "خنوم" امرأة فاق جمالها كل نساء البلاد كافة ، وباركها كل الأرباب . وجاءتها "الحتحورات السبع"(1) ليرونها ، وقلن في نفسٍ واحد : " سوف تلقى موتاً عنيفاً " .
أما هو –  (باتا) –  فقد أحبها حباً جماً . فسكنت بداره ، بينما كان هو يصطاد الحيوانات البرية في الصحراء نهاراً ، ويحضرها ليضعها أمامها .
وكان أن قال لها : " لا تخرجي ، فيخطفك البحر ، وأنا لا أستطيع إنقاذك منه لأني امرأة مثلك . فقلبي معلق في برعم شجرة الأرز . فإذا ما عثر أحد عليه فلابد أن أصارعه " .
وباح لها بكل مكنون قلبه .
وبعد أيام عديدة ، مضى (باتا) ليفعل ما اعتاده من صيد . فخرجت الفتاة لتتنزه تحت أشجار الأرز . فإذا بها ترى خلفها البحر هادراً ، فلاذت بالفرار وركضت إلى دارها . ولكن البحر نادى شجرة الأرز وقال لها : " أمسكي بها " .
فأخذت شجرة الأرز خصلة من شعرها .
فجلب البحر (خصلة الشعر) إلى مصر ، و تركها حيث تُغسل ثياب الفرعون .
فنفذ عبق خصلة الشعر إلى ثياب الفرعون . ونشب شجار بين غاسلي ثياب الملك : " لقد علق عطر بثياب الفرعون " .
وصار هذا شجاراً كل يوم ، ولم يعرفوا ماذا يفعلون . وفي نهاية الأمر مضى رئيس الغسالين إلى الشط وقد امتلأ قلبه بالغضب ، من جراء ما يوجه إليه كل يوم من سباب .
وهناك ظل واقفاً على الرمل ، تماماً أمام خصلة الشعر التي كانت في الماء . فأرسل أحدهم إليها ، فأحضرها إليه . فوجد عبقها لطيفاً للغاية ، فجاء بها إلى الفرعون .
وجيء بكتاب وعلماء الفرعون ، فقالوا له :
" خصلة الشعر هذه ، إنها لابنة "رع حور آختي" ، المباركة من كل الأرباب ، إنها تحية لك من بلدٍ آخر . فابعث برسل إلى كل البلاد ليبحثوا عنها . أما رسولك إلى وادي الأرز فابعث معه أناساً كثيرين ، ليحملوها إلى هنا " .
فقال جلالته : " إنه حسنٌ ، ما تقولون ! " .
فأرسل (الرسل) على وجه السرعة .
وبعد أيام عديدة عاد الرجال ، الذين أُرسلوا إلى البلاد ، ليخبروا الملك بما حدث . أما الذين ذهبوا إلى وادي الأرز فلم يرجعوا ، لأن (باتا) كان قد قتلهم . إلا أنه أبقى على واحدٍ منهم حتى يخبر جلالته بما جرى .
فأرسل جلالته ثانية جنوداً كثيرين وعربات حربية ليحضروها . وكان من بينهم امرأة ، حملت معها كل صنوف الزينة .
واستطاعات هذه المرأة العودة بها (زوجة (باتا) ) إلى مصر . فاحتفلت بها البلاد كلها .
و شغف بها الملك حباً ، وصارت سيدة الحريم العظمى .
ثم كان أن حادثها لتبوح بسر زوجها ، فقالت لجلالته : " لتقطع شجرة الأرز وتحطمها "
فأرسل الجنود بعتادهم ليقطعوا شجرة الأرز .
فلما جاءوا إلى شجرة الأرز ، وقطعوا البرعم ، الذي كان به قلب (باتا) ، وقع في نفس اللحظة صريعاً .
و عندما انبلج الصبح ، وبدأ اليوم التالي ، ولما كانت شجرة الأرز قد قطعت ، دخل (أنوبيس) ، أخو (باتا) ، داره وجلس ليغسل يديه، ثم قُدم إليه قدح من الجعة ففاضت أمامه . فأُعطي قدحاً آخر من النبيذ فإذا به يفسد .
فأخذ عصاه ونعليه وثيابه كذلك وسلاحه ، ومضى إلى وادي الأرز . ثم دخل إلى قصر أخيه ، فعثر على أخيه الأصغر راقداً على سريره ميتاً . فبكى عندما رأى الأخ الأصغر راقداً بلا حراك . ثم ذهب ليبحث عن قلب أخيه تحت شجرة الأرز ، التي كان ينام أخوه الأصغر تحتها في المساء .
فقضى في ذلك ثلاث سنوات دون أن يعثر عليه . وعندما بدأ العام الرابع اشتاق للعودة إلى مصر ، فقال : " غداً أذهب " . هكذا قال لنفسه .
وعندما انبلج الصباح ، وبدأ اليوم التالي ، نهض ثانية ليمضي إلى شجرة الأرز ، فقضى هناك اليوم كله في البحث عنه . وعندما أراد في المساء العودة إلى الدار ، بحث عنه مرة أخرى وأخيرة ، وهنا عثر على ثمرة ، فأخذها إلى الدار . وكانت هذه قلب أخيه .
وأحضر وعاءً به ماء طازج و وضعها فيه . ثم جلس كما كان يفعل كل يوم .
و في الليل كان القلب قد امتص الماء ، فارتعدت أوصال (باتا) ونظر إلى أخيه الأكبر ، بينما كان قلبه مازال في الإناء . ثم حمل (أنوبيس) ، أخوه الأكبر ، الإناء بالماء الطازج ، الذي به قلب أخيه الأصغر ، وجعله يشربه .
فلما استقر قلبه في مكانه الصحيح ، صار مرة أخرى كما كان .
فعانق كلاهما الأخر ، وتناجيا .
ثم قال (باتا) لأخيه الأكبر : " انظر ! سوف أصير ثوراً كبيراً ذا ألوان كثيرة جميلة ، ثوراً فريداً . فارتق ظهري ، حتى تشرق الشمس . ثم نكون هناك ، حيث زوجتي ، التي أريد الثأر منها . ثم تذهب بي إلى حيث يوجد (الملك) . ولسوف يحفظ لك كل صنيعٍ حسن ، ولسوف تمنح وزني ذهباً وفضة ، لأنك جئت بي إلى الفرعون . لأنني سوف أصير أعجوبة عظيمة ، وسوف يُحتفل بك في البلاد كافة . بعد ذلك ستعود إلى دارك في قريتك " .
وعندما انبلج الصباح وبدأ يوم جديد ، استحال (باتا) إلى الصورة التي ذكرها لأخيه . فارتقى (أنوبيس) ، أخوه الأكبر ، ظهره حتى أشرقت الشمس . فوصل حيثما كان الملك . فأخبر جلالته بذلك . فنظر إليه وفرح به فرحاً عظيماً ، و منحه أضحية عظيمة ، وقال : " لقد حدثت معجزة عظيمة " . واحتُفل به في البلاد كافة .
وأُعطى أخوه الأكبر وزنه ذهباً وفضة ، فمضى إلى قريته ، بعد أن أُعطي أناساً كثيرين وهدايا كثيرة ، و فاق حب الفرعون له حبه لكل الناس في البلاد كافة .
وبعد أيام عديدة دخل الثور إلى المطبخ ، ووقف حيث كانت السيدة، ثم قال لها : " انظري ! إني مازلت حياً " .
فقالت له : " من أنت ؟ " .
فأجابها  " أنا (باتا) . وأنت تعلمين أنك عندما جعلتِ الفرعون يحطم شجرة الأرز ، أن ذلك كان من أجلي ، حتى لا أحيا . انظري ! ، إني أحيا ، كثور " .
فأصاب الذعر الشديد المرأة ، من جراء ما أخبرها به زوجها . أما هو فغادر المطبخ .
وكان أن جلس جلالته واحتفل معها بيومٍ جميل .
وكانت تصب الشراب لجلالته ، الذي كان راضياً عنها غاية الرضا . وهنا قالت لجلالته : " أقسم لي بالله : ما تقوله (السيدة) سوف أفعله من أجلها " .
فوافقها . فقالت : " لتجعلني آكل من كبد هذا الثور ، فهو عديم النفع " . هكذا قالت له .
فحزن الملك حزناً شديداً لما قالته ، و صار قلب الفرعون مليئاً بالشفقة عليه .
وعندما انبلج الصباح ، وبدأ اليوم التالي ، نودي بحفل أضحية كبير من أجل أضحية الثور . فأرسل أفضل قصاب ملكي من أجل ذبح الثور . فضُحى به . و بينما كان هو محمولاً على الأكتاف ، هز عنقه وجعل نقطتي دم تسقطان بجوار قائمة باب جلالته . فسالت إحداهما إلى جهة من الباب الكبير للفرعون ، و جرت الثانية إلى الناحية الأخرى
  وكان أن نمت الاثنتان إلى شجرتي سنط رائعتين . و ذهب من يقول للملك : " هناك شجرتا سنط كبيرتان نمتا ليلاً ، كأعجوبة من أجل جلالته ، بجوار الباب الكبير لجلالته "
فاحتفل بهما في البلاد كافة ، وأحضرت لهما الأضاحي .
وبعد أيام عديدة برز جلالته من باب اللازورد مزداناً بإكليل من زهور عديدة حول عنقه . وارتقى عربة ذهبية ، وغادر القصر ليرى شجرتي السنط . ومضت السيدة في عربة خلف الفرعون . وجلس جلالته تحت إحدى شجرتي السنط . (والسيدة تحت الأخرى) .
و هنا بدأ (باتا) في الحديث إلى زوجته قائلاً :
" أيتها الخائنة ، أنا (باتا) ، أنا أحيا رغماً عنك ، أنت تعلمين أنك ، عندما جعلتي الفرعون يقطع شجرة الأرز ، كان ذلك من أجلي ، فكان أن تحولت إلى ثور ، فجعلتني أُقتل ثانية " .
وبعد أيام عديدة ، كانت السيدة تصب الشراب لجلالته ، الذي كان راضياً عنها . فقالت لجلالته : " أقسم لي بالله : أن ما تقوله السيدة سوف أفعله من أجلها " . فوافقها على كل ما قالته .
فقالت له : " لتُقطع شجرتي السنط ليصنع منهما أثاثاً جميلاً " .
فوافقها على كل ما قالته .
وعلى الفور أرسل جلالته عمالاً مهرة ، فقطعوا شجرتي سنط الفرعون . بينما كانت السيدة الملكية تراقبهم .
وهنا طارت شظية إلى فم السيدة ، فلما ابتلعتها صارت حبلى في الحال .
وبعد أيامٍ عديدة ، ولدت صبياً . وذهب من يبلغ جلالته : " وُلد لك ابن " .
فحُمل وسُلم إلى مرضعة وخادمات . واحتفل به في البلاد كافة . وجلس الملك وقضى يوماً جميلاً ، وحمل الطفل على حجره . وأحبه الملك حباً عظيماً منذ أول لحظة . ثم جعله ولي عهد النوبة .
وبد أيام عديدة جعله ولي عهد البلاد كلها .
وبعد أيام عديدة ، بعد أن قضى سنوات كثيرة ولياً لعهد البلاد كلها، صعدت روح جلالته إلى السماء .
وهنا قال (الملك الجديد (باتا) ) : " فليحضر إليّ جميع كبار جلالته ، لأقص عليكم كل ما جرى لي " .
فأُحضرت إليه زوجته كذلك . فمضى معها إلى المحكمة ، فوافقت على حكمه ضدها .
وأُحضر إليه كذلك أخوه الأكبر ، فجعله ولياً لعهده في البلاد كافة .
وظل (باتا) ملكاً لمصر ثلاثين عاماً ، ثم مضى بعد ذلك إلى الحياة الأبدية . فحل أخوه محله يوم وفاته .

تعليق الناسخ : " لقد انتهت نهاية سعيدة و بسلام ، برعاية كاتب الخزانة (كاجاب) ، من إدارة خزانة الفرعون . وكذلك برعاية الكاتب (حورس) ، كاتب (مر إم إبت) . وقد أنجزها الكاتب (إنانا)، مالك هذه البردية . من يذكر هذا الكتاب بسوء ، سيكون "تحوت" خصماً له " 
المراجع
-محاضرة الادب المصرى القديم الموسم الثقافى الآثرى الاول بمكتبة الاسكندرية  أ.د/عبد الحليم نور الدين.
- الأدب المصري القديم (بي دي أف) – دكتور سليم حسن – مهرجان القراءة للجميع 2000- من ص 87 إلى 91.
2- حواديت فرعونية – محمد أبو رحمة – دار حابي للنشر والتوزيع 2005- من ص 120 إلى 132 و ص250

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

حورس-Hours

2016